المنبر القانوني

من هي المحامية المزورة التي ورطت الدولة المغربية في أداء مبلغ نصف مليون دولار؟

تنظر المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في ملف مثير، يتعلق بانتحال سيدة مغربية لصفة محامية، رغم أنها سبق أن تعاملت مع عدد من مؤسسات الدولة، منها الوكالة القضائية، التي أدت عبرها مبلغا، يناهز نصف مليون دولار لشركة محاماة في واشنطن.

الأمر يتعلق بليلى سلاسي، التي توجد رهن المتابعة بتهمة النصب والاحتيال، وانتحال صفة ينظمها القانون.. فما قصتها؟

تضمن قرار إحالتها على وكيل الملك بابتدائية عين السبع بالدار البيضاء، أن المشتكى بها “ليلى سلاسي”، تم تقديمها أمام وكيل الملك في حالة سراح مع إغلاق الحدود في وجهها، منذ 25 أكتوبر 2021. وتشير مصادر إلى أن سبب عدم اعتقالها يعود إلى ظرف إنساني يتعلق بكونها حامل.

وكانت سلاسي تعمل محامية في باريس، تشرف على مكتب استشارة دولي، يسمى “أفريك أدفايزر”، ومثلت العديد من الشركات الدولية الأجنبية، كما تعاملت معها الدولة المغربية، وشركات أخرى في المغرب مثل شركة “إيكوميد”، المختصة في جمع النفايات، لكن تم سحب صفة المحاماة منها، وبقيت تمارس بهذه الصفة.

ومن أبرز الملفات، التي تولتها ملف تتابعه الوكالة القضائية للمملكة، حيث لعبت سلاسي دور الوسيط مع مكتب محاماة في واشنطن بمبلغ يناهز نصف مليون دولار، من أجل الدفاع عن المغرب في قضية شركة “ساليني” الإيطالية، هذه الشركة، التي تعمل في مجال الأشغال العمومية، حازت صفقة إنجاز الطريق الرابط بين تطوان والحسيمة، قبل أن تدخل في نزاع مع الدولة المغربية بخصوص مطالبها بمستحقات بقيمة تناهز 20 مليار سنتيم.

ورفعت الشركة الإيطالية دعوى أمام المحكمة الإدارية بالرباط، فحكمت لصالحها، لكنها رفضت الحكم ولجأت إلى محكمة التحكيم في باريس  لتحصل على حكم لصالحها، فطلبت تنفيذه بالحصول على مستحقاتها في الخارج بعملة الأورو، ما أثار مشكلة بالنسبة إلى المغرب. وفي سبيل الضغط على المغرب، قامت الشركة بالحجز على سفارة المغرب في إيطاليا.

وفي خطوة ثانية، لجأت الشركة الإيطالية إلى رفع دعوى أمام المحكمة الدولية للاستثمار في واشنطن. وضمن هذا السياق لجأ المغرب، عبر سفارته، إلى التعامل مع مكتب محاماة في العاصمة الأمريكية، بوساطة من ليلى سلاسي، التي كانت هي المخاطب باسم المغرب.

الوكالة القضائية للمملكة التابعة لوزارة المالية، التي تدافع عن مصالح المغرب، لم تتأكد هل سلاسي لازالت محامية أم لا، فتعاملت معها على أساس أنها محامية وسيطة مع مكتب المحاماة في واشنطن، قبل أن يتبين أنها لم تعد تحمل هذه الصفة.  وهذا ما تبينه رسالة من نقابة المحامين في باريس، التي تشير إلى أن سلاسي لم تعد تمارس مهنة المحاماة ضمن نقابة باريس، دون توضيح سبب التشطيب عليها، لكن يظهر أن سلاسي، لجأت إلى العمل في مجال اللوبي في أمريكا.

هذه القضية تفجرت بسبب شكايات ضد سلاسي في المغرب، منها شكاية رجل أعمال مغربي يدير شركة في أمريكا، والذي اتهم سلاسي، بانتحال صفة ما أدى إلى تضرر أعماله. كما رفع أحمد حميدي، مدير شركة “إيكوميد”، المختصة في جمع النفايات دعوى أيضا ضد هذه السيدة.

والمثير أن شركة ساليني حين علمت بتوقيف سلاسي بتهمة انتحال صفة دخلت على الخط، وكلفت محاميا في المغرب بمتابعة القضية، والتنصيب كطرف مدني، باعتبارها تضررت من توكيل محامية متهمة بانتحال صفة، وقد تطالب بتعويضات.

يذكر أن قضية ساليني ضغطت على المشرع المغربي، لإعداد مشروع قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية رقم 97.15، الذي أحاله، قبل أيام، وزير العدل عبد اللطيف وهبي، على مجلس المستشارين، بعد المصادقة عليه من طرف مجلس النواب. والدولة المغربية وقعت على شرط التحكيم مع شركة ساليني في غرفة التجارة في باريس، المختصة بالتحكيم، وكان لا بد من وضع إطار قانوني للتحكيم والوساطة، لتفادي النزاعات.

وفي انتظار الشروع في محاكمة ليلى سلاسي، يطرح سؤال حول هل ستطالب الدولة باستعادة المبالغ، التي منحتها لسيدة تنتحل صفة ينظمها القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى